مــنــتــديات جــبـــل الــنـــار
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

مــنــتــديات جــبـــل الــنـــار

اهلا وسهلا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 عليكم الا تتزببوا قبل ان تتحصرموا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
لطفي الياسيني
عضو جديد
عضو جديد
لطفي الياسيني


عدد الرسائل : 130
العمر : 87
Localisation : استاذ جامعي متقاعد - دكتوراة ادب عربي صاحب جريدة الصريح ولي 60 ديوان شعر
تاريخ التسجيل : 03/04/2007

عليكم الا تتزببوا قبل ان تتحصرموا Empty
مُساهمةموضوع: عليكم الا تتزببوا قبل ان تتحصرموا   عليكم الا تتزببوا قبل ان تتحصرموا Icon_minitimeالأحد يونيو 10, 2007 8:58 am

عليكم الا تتزببوا قبل ان تتحصرموا
-------------------------------------------------------------
كان الشاعر الجاهلي زهير بن ابي سلمى شاعرا مجددا وحكيما ، لا ينشر قصيدة الا بعد ان يدرسها جيدا ، ويمحصها ويتفحص كل تعبير فيها ، فتأتي روعة في السبك والحبك وتحفة في الموسيقى والمعنى . ولذلك ما كانت تخرج من تحت يراعه الا بعد سنه كاملة ، ومن هنا اطلق الرواة والنقاد على اشعاره " الحوليات " . ذكرت هذا الشاعر وانا اطالع " الفن الشعري " لبوالو حيث طالب الشعراء قائلا :" في هذه الصناعة ( الشعر ) اجعل يدك تمر عشرين مرة وملس ونعم وهذب ثم ملس ونعم وهذب ". واظن ان التمليس ومعاودة النظر لا تضعف ابدا من رونق القصيدة ونفسها الشعري ، ولا تجعله متكلفا بل بالعكس تزيده ايحاء ولحمة وهمسا ورؤى ، فالشاعر المطلوب هو ذاك الذي يعيش حب الجمال في حناياه ، وهو الذي يفهم معنى معاودة النظر ، ويفهم ان ما جاء في النزلة الاولى ليس وحيا خاصا بل يحتاج الى تهذيب وصقل وواقعية ، تأخذ بمجامع القلوب والنفس البشري فتستحوذ عليها بجمالها الحسي المنثال كندى السحر على ثغر الاقحوان !! . ابن ابي سلمى شاعر نجد وغطفان سبق بوالو بمئات السنين ، وكان يفعل ما يقول ، ويقول ما يفعل ، فجاء شعره فنا مقدسا ، رسمه بترو وخطه على مهل .
واني لاعجب من كثير من شعراء هذا الزمان الذين يمتنهون هذه الصناعة دون اكتمال العدة ، ودون نضوج الحس الادبي ، ودون التزود بزاد شهي من شعر الشرق والغرب قديمه وحديثه فترى شعرهم فجا ، يابسا لا طراوة فيه ولا طلاوة ، وترى قاموس ادبهم هزيلا وكأنه يعيش سنوات عجافا ، فالمضمون هزيل وهش في اكثر الاحيان ، ويتزيا بثياب يومية باهتة لا روح فيها . والانكى من ذلك قدرتهم الفائقة على " الخلق " فالقصائد تسيل يوميا من اطراف اقلامهم فترى النور كذا " مادة خام " وكأنها لا تحتاج الى تصنيع . ويخطئ من يظن ان الشعراء العظام يرتجلون الشعر ارتجالا والصحيح هو انهم يقفون على كل حركة فيه وهاجس ، يبدلون ويغيرون وينامون ويعودون في منتصف الليل الى لفظة هامسة لاحقوها فاصطادوها فيهبون الى قصيدتهم الوليدة لترصيعها بتلك الكلمة الشاردة او الفكرة الهائمة !! فهذا طاغور شاعر الهند الاكبر ، كان يقضي ليلة كاملة في التفتيش عن كلمة ليسند لها دورا طبيعيا في احدى قصائده . ومن اجمل ما قرأت في هذا الموضوع ، ما رواه خليل مطران للشاعر والاديب اللبناني امين نخلة . قال مطران :" كنا يومئذ في سبلندوبار ، فانشدنا حافظ ابراهيم قصيدته ، عادته في عرض شعره على اخوانه قبل ان يخرجه في الصحف ، فلما انتهى في قصيدته الى قوله :



اذا ارتفع الصياح فلا تلمنا (*)(*)(*)(*) فان الناس في جهد جهيد



قلت له :" ما احببت " ارتفع " هذه فحبذا لو يكون لك ما هو آنس منها . فقال :" انا والله ما احببتها ، ولا تزال عيني على غيرها ...



ثم مضت بضعة ايام على مجلسنا في سبلندوبار فجرى في خاطري :" اذا اعلولى الصباح " وصادفت في بعض الطريق محمد امام العبد الشاعر ، ومن اشهر ظرفاء مصر في وقته ، فقلت له : اذا رأيت حافظ فقل عني انني وجدت اللفظة .



ولم اذكر اللفظة لامام ، فلما مضى النهار ، وكاد اليل ينتصف الا قليلا جاءني حافظ يقرع علي ، وقد تعب وأعيا الى جانبه امام ، فصاح بي بصوت متهدج :" ادركني ، فقد خربت بيتي ، اذ ان هذا الاسود المكار شرب الليلة واكل وسمر على حسابي ، وبقي قائما على رأسي الى الان ، وهو ما زال يداورني ولا يذكر لي اسم الشاعر الذي وجد اللفظة المنشودة حتى اتم حيلته.



قال حافظ : اني والله هكذا حصل . لقد قامت علي " اعلولى " بجنيه ( وكان الجنيه يومنذ لا يوصل اليه بسلم ). من هنا ، فاني اهيب بالشعراء والادباء الواعدين وكتاب وكاتبات قصص الاطفال الذين غطوا وجه الشمس في المدة الاخيرة ، ففي القراءة وفي الكتب الكنز الدفين ، وفيها العدة القمينة للنجاح ، وان لهم في نصيحة احمد امين هدى ، فقد نصحهم قائلا :" عليهم ان لا يتزببوا قبل ان يتحصرموا ".
-------------------------------------------------
كان الشاعر الجاهلي زهير بن ابي سلمى شاعرا مجددا وحكيما ، لا ينشر قصيدة الا بعد ان يدرسها جيدا ، ويمحصها ويتفحص كل تعبير فيها ، فتأتي روعة في السبك والحبك وتحفة في الموسيقى والمعنى . ولذلك ما كانت تخرج من تحت يراعه الا بعد سنه كاملة ، ومن هنا اطلق الرواة والنقاد على اشعاره " الحوليات " . ذكرت هذا الشاعر وانا اطالع " الفن الشعري " لبوالو حيث طالب الشعراء قائلا :" في هذه الصناعة ( الشعر ) اجعل يدك تمر عشرين مرة وملس ونعم وهذب ثم ملس ونعم وهذب ". واظن ان التمليس ومعاودة النظر لا تضعف ابدا من رونق القصيدة ونفسها الشعري ، ولا تجعله متكلفا بل بالعكس تزيده ايحاء ولحمة وهمسا ورؤى ، فالشاعر المطلوب هو ذاك الذي يعيش حب الجمال في حناياه ، وهو الذي يفهم معنى معاودة النظر ، ويفهم ان ما جاء في النزلة الاولى ليس وحيا خاصا بل يحتاج الى تهذيب وصقل وواقعية ، تأخذ بمجامع القلوب والنفس البشري فتستحوذ عليها بجمالها الحسي المنثال كندى السحر على ثغر الاقحوان !! . ابن ابي سلمى شاعر نجد وغطفان سبق بوالو بمئات السنين ، وكان يفعل ما يقول ، ويقول ما يفعل ، فجاء شعره فنا مقدسا ، رسمه بترو وخطه على مهل .
واني لاعجب من كثير من شعراء هذا الزمان الذين يمتنهون هذه الصناعة دون اكتمال العدة ، ودون نضوج الحس الادبي ، ودون التزود بزاد شهي من شعر الشرق والغرب قديمه وحديثه فترى شعرهم فجا ، يابسا لا طراوة فيه ولا طلاوة ، وترى قاموس ادبهم هزيلا وكأنه يعيش سنوات عجافا ، فالمضمون هزيل وهش في اكثر الاحيان ، ويتزيا بثياب يومية باهتة لا روح فيها . والانكى من ذلك قدرتهم الفائقة على " الخلق " فالقصائد تسيل يوميا من اطراف اقلامهم فترى النور كذا " مادة خام " وكأنها لا تحتاج الى تصنيع . ويخطئ من يظن ان الشعراء العظام يرتجلون الشعر ارتجالا والصحيح هو انهم يقفون على كل حركة فيه وهاجس ، يبدلون ويغيرون وينامون ويعودون في منتصف الليل الى لفظة هامسة لاحقوها فاصطادوها فيهبون الى قصيدتهم الوليدة لترصيعها بتلك الكلمة الشاردة او الفكرة الهائمة !! فهذا طاغور شاعر الهند الاكبر ، كان يقضي ليلة كاملة في التفتيش عن كلمة ليسند لها دورا طبيعيا في احدى قصائده . ومن اجمل ما قرأت في هذا الموضوع ، ما رواه خليل مطران للشاعر والاديب اللبناني امين نخلة . قال مطران :" كنا يومئذ في سبلندوبار ، فانشدنا حافظ ابراهيم قصيدته ، عادته في عرض شعره على اخوانه قبل ان يخرجه في الصحف ، فلما انتهى في قصيدته الى قوله :



اذا ارتفع الصياح فلا تلمنا (*)(*)(*)(*) فان الناس في جهد جهيد



قلت له :" ما احببت " ارتفع " هذه فحبذا لو يكون لك ما هو آنس منها . فقال :" انا والله ما احببتها ، ولا تزال عيني على غيرها ...



ثم مضت بضعة ايام على مجلسنا في سبلندوبار فجرى في خاطري :" اذا اعلولى الصباح " وصادفت في بعض الطريق محمد امام العبد الشاعر ، ومن اشهر ظرفاء مصر في وقته ، فقلت له : اذا رأيت حافظ فقل عني انني وجدت اللفظة .



ولم اذكر اللفظة لامام ، فلما مضى النهار ، وكاد اليل ينتصف الا قليلا جاءني حافظ يقرع علي ، وقد تعب وأعيا الى جانبه امام ، فصاح بي بصوت متهدج :" ادركني ، فقد خربت بيتي ، اذ ان هذا الاسود المكار شرب الليلة واكل وسمر على حسابي ، وبقي قائما على رأسي الى الان ، وهو ما زال يداورني ولا يذكر لي اسم الشاعر الذي وجد اللفظة المنشودة حتى اتم حيلته.



قال حافظ : اني والله هكذا حصل . لقد قامت علي " اعلولى " بجنيه ( وكان الجنيه يومنذ لا يوصل اليه بسلم ). من هنا ، فاني اهيب بالشعراء والادباء الواعدين وكتاب وكاتبات قصص الاطفال الذين غطوا وجه الشمس في المدة الاخيرة ، ففي القراءة وفي الكتب الكنز الدفين ، وفيها العدة القمينة للنجاح ، وان لهم في نصيحة احمد امين هدى ، فقد نصحهم قائلا :" عليهم ان لا يتزببوا قبل ان يتحصرموا ".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
عليكم الا تتزببوا قبل ان تتحصرموا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مــنــتــديات جــبـــل الــنـــار :: المنتدى العام-
انتقل الى: